نظمت مفتشية التعليم وجمعية مدرسي اللغة العربية للتنمية الثقافية والاجتماعية بمديرية سيدي البرنوصي يوم السبت 17مارس 2018 بمؤسسة الأعمال الاجتماعية للتعليم بنادي الفردوس سيدي البرنوصي ابتداء من الساعة الرابعة مساء ندوة علمية بعنوان "قراءة في روايات الكاتب عبد الرحيم بهير" بمشاركة السادة الأساتذة أحمد بلاطي والأستاذة سعيدة كنافي والأستاذ سالم الفائدة وتسيير الأستاذ عبد الحكيم جابري.
افتتح المسيرالندوة حيث رحب بضيف الندوة، وبالحضوركذلك، مقدما الباحثين الأجلاء الذين ساهموا في بناء هذه الندوة، ومعرفا بالكاتب "عبد الرحيم بهير" وبأهم مؤلفاته سواء في مجال الرواية أو كتابة السيناريو للتلفزيون.
المداخلة الأولى من تقديم الأستاذ " أحمد بلاطي" الذي وسمها بالهوية السردية وانسجام العالم السردي في رواية صلواتهم" وقد أكد منذ البدء أن رواية صلواتهم رواية تثير الصدمة للولهة الأولى ،وذلك مبثوث في صياغة العنوان التي يعني المفارقة وإعلان اختلاف الذات عن عالمهم وعن صلواتهم "هم"، وإن كان التعميم يعني التعريف فإن هذا التعميم المتجسد في صلواتهم، يحمل في طياته نوعا من التنكير وعدم الإعتراف بجماعة الغائب، حيث شكل هذا الأخير براءة للكاتب من أفعال تلك الجماعة التي ينكرها ويتجرد منها. فالصلاة هي الدعاء والعبادة والدين... وهي طقوس مرتبطة بالمقدس ..
ولعل هذا ما جعل موضوع الزواج ،هو الموضوع الذي سيحاول من خلاله الكاتب معالجة مشكل الهوية ،مؤكدا على أن الديانة ليست هي السبب الرئيس في تحديد الهوية ،بل في ذلك الحين حتى الفوارق الاجتماعية والنزعة القبلية ،كانتا تمارسان سطوتهما بشكل مفرط ،وبهذا وجه اتقاده مقرا بأن معالجة مشكلة الهوية من خلال الزواج ،أمر لم يحظ بالتوفيق بإجماع النقاد والقراء ،ولم يضمن هذا الاختيار انسجاما للعالم السردي ؛لأن هناك مقاطع عدة تبرز التعايش الذي كان بين اليهود والمسلمين،فضلا عن حكاية "شمهروش "وهي حكاية غير ضرورية، خاصة وان حب راشيل وابراهيم لم يكن بحاجة الى هذا الدفع الغيبي ،باعتبار ان الروائي اكد على ان تناحر التيارات الدينية راجع بالاساس الى غياب استخدام العقل ،وهذا فيه مرافعة بالشيء ونقيضه.كما عرض لشروط سردية أخرى تفتقر إليها الرواية ،كربط الاحداث والشخصيات في ركح واحد .
أما مداخلة الأستاذة سعيدة كنافي التي عنونتها بمقاربة النوع في رواية زحف الازقة فقد تطرقت إلي محاولة استجلاء جمالية الغلاف المثير ومقاربة العنوان من نواح متعددة ، الشيء الذي فرض عليها الغوص في عوالم الرواية، حيث وضعت عناوين رئيسة، لكل زاوية من الزوايا التي اكتشفتها داخل الرواية ،إذ وسمت الزاوية الأولى بالمرأة رمز الخيانة والشر باختلاف دياناتها "ويتضح ذلك من خلال مجموعة من مقاطع الرواية، ثم الزاوية الثانية التي تحمل عنوان "خريطة الجسد الانثوي" أبرزت من خلالها سيميائيات الجسد الأنثوي الصارخة في الرواية، وبعدها الزاوية الثالثة " النساء وعاء للمتعة فقط"، ثم الزاوية الرابعة وهي بدورها تندرج تحت عنوان "المرأة ومسؤولية التكاثر الطبيعي" وهي الأخرى تتجسد في العديد من مقاطع هذه الرواية .
وفي ورقة الأستاذ سالم الفائدة المعنونة بدراسة موضوعاتية في رواية جبل موسى فقد قدم تركيبا شاملا للاحداث الناظمة لهذه الرواية ،باعتبارها كانت مشروع سيناريو في بدئها وتم تحويلها إلى عمل روائي، وعرض لكم هائل من الأسئلة التي طرحها المؤلف، خاصة فيما يتعلق بالمجال الديني ،معقبا على أن الإشكال ليس في طرح الأسئلة ،وإنما في ارتباط السؤال بنسيج الرواية، فالكثير من أسئلة هذه الرواية مقحمة فقط، وقدم على خلاف ذلك رواية نجيب محفوظ ورواية "عزازيل" ليوسف زيدان، كنماذج من الروايات التي تقدم أسئلة متجانسة مع العمل الروائي،وختم مداخلته بنقده للوصف الذي يشعر القارئ بنوع من العنصرية كوصف الأفارقة بالقردة،ماجعله يطرح مسألة الوعي بالكتابة ،وذلك بمراجعة الكتابة بعيون فاحصة بشكل لا يجعل على النص الروائي رقيبا.
وبعد كل هذه المداخلات أعطيت الكلمة للكاتب عبد الرحيم بهير الذي عبر فيها عن شكره وامتنانه لكل أعضاء الندوة، وأبرز رأيه حول نقدهم المتمرس لرواياته، معتبرا نفسه كاتبا جذبه الأدب من عوالمه القانونية، وألقى به في غيابات التعبير عن مكنون أفكاره، ووصف بداياته الأولى مع رواية الفقدان، التي فتحت له مجال كتابة السيناريو بطلب من المخرجة فريدة بورقية وكان أول عمل في هذا الميدان مسلسل "ولاد الناس"مؤكدا على أنه كاتب يستقي مادته الخام من الواقع المعيشي، وينصهر داخل كتاباته، كما ناقش مجموعة من الأفكار.
ليفتح باب النقاش بين الحضور الذين قاربوا من جهتهم الروايات المدروسة في المداخلات ووجهات نظرهم خصوصا في القضايا الحساسة التي تطرحا غي مجتمع ما زال يعتبر هذه القضايا من الممنوعات.
وقبل الختم شكر المسير الضيف على تنقله وحضوره، كما شكر الأساتذة المشاركين وكل الحضور على تفاعلهم الجاد مع الندوة ضاربا موعدا جديدا لندوة مقبلة يوم السبت 31 مارس 2018. سيعلن عنها قريبا.